شروح وشواهد علمية
سور كتاب الله و آياته
سورة المائدة الآية ()
قول فاطر السماوات والأرض {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ } (68) سورة المائدة , في هذه الآية رسالة من فاطر السماوات والأرض , أمر الله رسوله صلوات الله عليه وعلى آله وسلم أن يبلغها لأهل الكتاب وفيها العبرة لأهل القرآن .
وهي أنهم ليسوا على شئ من الدين حتى يقيموا ما أنزل الله إليهم , وإقامة ما أنزل الله يعني اقامة الحكم بما أنزل الله وتطبيق شريعة الله وحدوده فيقتل القاتل ويجلد الزاني ويقطع السارق ويمنع الفساد والظلم وذلك لا يتم إلا بأن يولي الناس الحكم أعلم الناس بما أنزل الله وأشدهم تمسكا به وأقواهم على تطبيقه ويقفوا لإقامة وتطبيق شريعة الله وحكمه في الأرض فإذا أقاموا ما أنزل الله وما حكم الله فهم في تلك الحالة على الدين .
أما إذا لم يقيموا حكم الله وما أنزل الله ولم يسعوا الى ذلك ولم يهتموا بذلك فإنهم ليسوا على شئ من الدين إطلاقا .
ونحن كذلك أهل القرآن لسنا على شئ من الدين ولا شئ من الإسلام حتى نقيم ونسعى لإقامة ما أنزل الله , لإقامة الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلوات الله عليه وعلى آله بأن ننظر فمن هو أعلم الناس بما أنزل الله على رسوله صلوات الله عليه وعلى آله بكتاب الله وسنة رسوله ثم نوليه الحكم ثم نقف معه وننصره لإقامة دين الله ,لإقامة شريعة الله لتطبيق الشريعة الإسلامية , لإقامة فرائض الله , لإقامة حدود الله التي تمنع الظلم والفساد , فيقتل القاتل , ويجلد الزاني ويقطع السارق .
إن إقامة دين الله وحكم الله في الأرض وإقامة النظام الإسلامي الذي يحكم بما أنزل الله ويتقيد في كل قوانينه بما أنزل الله هو التوحيد الصادق لله سبحانه , فالتوحيد الصادق لله سبحانه أن يؤمن الناس بأن الملك والحكم كله لله وحده وما أنزل على نبيه محمد صلوات الله عليه وعلى آله وسلم ويكفروا بكل نظام وحكم وحاكم طاغوت يحكم بغير ما أنزل الله , لأن الإيمان بالحاكم الذي لا يحكم بما أنزل الله نوع من الشرك الذي يخرجنا عن روح التوحيد الذي جاء يدعوا إليه كل الأنبياء عليهم السلام كما قال تعالى {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ } (36) سورة النحل فما هي الفائدة أن يقول الناس (لا إله إلا الله محمد رسول ) والناس يجعلون الحكم لغير ما أنزل الله .
فإقامة دين الله وحكومة الله في الأرض هو التوحيد الحقيقي لله والتطبيق العملي لكلمة (لا إله إلا الله ) وهذا التوحيد العملي لله المتمثل في إسقاط الطاغوت الذي لا يحكم بما أنزل الله , وإقامة الحكم بما أنزل الله هو أساس الدين والشريعة التي أوصى الله بها أنبيائه ونبينا محمد صلوات الله عليه وعلى آله وسلم وهو الأمر الذي يخاف منه المشركون لأنه سيخزيهم ويضرب شركهم المتمثل في الإيمان بحكم الطاغوت والكفر بالحكم بما أنزل الله وحكومة الله .
{شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ} (13) سورة الشورى .
- إن إقامة حكم الله ودين الله في الأرض هو الغاية من إنزال الكتاب
.
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ } (25) سورة الحديد
وبدون إقامة حكومة الله ومن يحكم بما أنزل الله تصبح الكثير من آيات الله لا واقع لها ولا قيمة ولا تصديق .
فما هي الفائدة أن يقرأ الناس هذه الآيات ويحفظونها ويتعلمونها وليست واقع عملي في حياة الناس فلا يقتل القاتل ولا يجلد الزاني ولا يقطع السارق .
سيصبح قرآة الناس لها وإيمان الناس بها من دون واقعها العملي نوع من الإستهزاء بآيات الله الذي حذر الله منه .
- وكم من الآيات القرآنية التي تعطلت ولم يعد لها واقع عملي بسبب أن الناس لم يسعوا لإقامة حكم الله ولم يولوا الحكم من يحكم بما أنزل الله .
وذلك كقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ } (178) سورة البقرة
وكقوله تعالى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ } (2) سورة النــور
و كقوله تعالى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } (38) سورة المائدة
سنسأل عن كل آيات الله وفرائضه التي في كتابه , سنسأل عندما نقف بين يدي الله عن هذه الآيات التي تخاطب الناس جميعا , كيف نسيناها لماذا لم نسع لإقامتها .
فحقا حقا لسنا على شئ من الدين حتى نقيم ما أنزل الله , {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ } (68) سورة المائدة , فلسنا على شئ من الدين ولن نكون على شئ من الإسلام ولا شئ من الإيمان حتى نقيم ما أنزل الله ,حتى نسعى في إقامة حكم الله ونصب من يحكم بما أنزل الله على نبيه محمد صلوات الله عليه وعلى آله وسلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق